تاكسي العجايب - الحلقة التانية

تاكسي العجايب الحلقة التانية

.

تاكسي .. تاكس

ايوة يا بيه .. تحب ترح فين بالظبط ؟

اول ناصية في قلبي شمال لو سمحت

يا قوي .. استعنا ع الشقا بالله ( يدير المفتاح .. ثم ينطلق) س

.

.

كحالي دائما مع هذا التاكسي العجيب .. اركب بجوار السائق اتطلع الي ما يبهرني في كل مرة .. اتساءل عادة عن كل ما يبدوا لي مبهما .. فقد اظهر لي هذا السائق ودا في المرة السابقة جعلني اثق فيه واطمئن اليه

.

فجاة وجدت العالم يتغير من حولي .. اجد مشاهدا لم اعتاد عليها من قبل .. دوما كنت اشعر بها فقط ولم تخطر ببالي فكرة تخيلها .. دائما في وجداني .. دائما في في روحي .. دائما هي في قلبي

.

انعطف السائق بواد ذي زرع يمتد الي نهاية بصري ولا اجد له منتهي .. س

.

.

ثم قال لي

يا استاذ .. وصلنا .. مش هتنزل بقي ؟

بالسرعة دي

عيب يا استاذ .. هو انت معاك اي حد

ايوة ايوة ... متشكر جدا يا سيدي

.

ترجلت من التاكسي .. اتفحص بعيني كل شبر في هذا الوادي الفسيح .. اري الشمس ترقص في وسط السماء .. واري القمر ايضا يداعب السحاب .. لم اري منظرا كهذا في حياتي .. ايجتمع الشمس والقمر معا ؟ عادة عند طرح مثل هذا السؤال قد تتهم بالجنون .. ولكني احب ان اطمئن الجميع .. نعم لقد اجتمع الشمس والقمر معا وقد رايتهما يتضاحكان ويرقصان ويلعبان

.

اري انهارا وجداولا .. تعبر هذا الوادي وتروي اشجاره ونخيله .. وتذهب الي اخر نبته في الاطراف .. اشجار عالية .. ونخل كثيف .. ورد وزهور وفراشات تملئ المكان اشتم رائحة ذكية تسكر روحي .. يا الله

.

.

لم اكن اتصور ان قلبي قد يحوي مثل هذا المكان ..حاولت ان ابحث عن بشر يقطنون هذا الوادي .. عن اية حياة هنا .. ولكني لم اجد

.

روعتني الاجابة كثيرا .. الم يسكن بقلبي احد بعد ؟

.

في غمرة انهماكي في البحث والتدوير رايت كوخا من بعيد .. فتهللت اساريري وفرحت نفسي كثيرا .. فهناك من يملك مثل هذا الوادي ويستاثر به لنفسه .. انا لا امانع اطلاقا .. ولكن يا تري ؟

.

.
من يكون هذا الذي استطاع ان يملك هذا الوادي ولم يشاركه فيه احد؟ ولماذا ارتضي لنفسه كوخا وكيف لم ابني له قصرا ؟

ولماذا يسكن في الاطراف والوادي كله باشجاره انهاره ملك له ؟

باتت كثرة الاسئلة تقلقني .. فتلقبت فرحتي غما .. وباتت سعادتي كدا .. ذهبت الي هذا الكوخ .. في حذر شديد وانا احاول معرفة اي شيء عما يدور بداخله .. اقتربت اكثر واكثر

.

وفجأة انتابني شعور عميق بالخوف والرهبة .. وجدت الكوخ .. قديم جدا يصعب علي احد العيش فيه .. لماذا ؟ لا ادري .. حاولت الدخول .. كان اسهل مما كنت اتوقع .. لاني لم اجد احد يعترضني

.

فقط وجدت مدفأة قديمة .. مشتعلة .. وعامل عجوز يقوم علي رعايتها حتي لا تطفأ نارها .. اقتربت منه فلم يأبه لوجودي .. حاولت ان أسأله عن ماذا يفعل .. فلم يعرني اهتماما ولم ينطق بنت شفه

.

لا اعرف لماذا انتابني شعور باحتقار هذا الشخص البغيض الذي يحترقني منذ الوهلة الاولي .. ولكني فوجئت به يستدير ليواجهني ... وينظر الي مبتسما ثم اشار لي ان انتظره لحظة واحدة

.

جلست علي احد الكراسي .. منتظرا اياه وانا اتطلع باندهاش كيف لهذا الرجل العجوز ان يعيش في مقبرة كهذه .. وكيف يبني كوخا كهذا في وادي بمثل هذا الجمال ظللت علي هذا الحال حتي قاطعني صوت فيروز منشدا باحلي وارق واعذب الكلمات .. اغنيات لم اسمعها من قبل ثم وجدت الرجل العجوز وقد تماثل امامي وكانه شاب في ابهي ايام شبابه ... يرتدي بدلة من اجمل ما رايت

.

بعصا منه اشار الي كل الاثاث الموجود في المكان فتحول كل شيء الي صورة رائعة بديعة غاية في الجمال .. واشار بيده في الهواء فتطايرت اكواب مليئة بالخمر ثم استراحت امامي وقال لي هذا الـــ... الان يصعب عليّ وصفه فهو ليس بالعجوز وليس بالشاب وليس باي شيء فهو الساحر اذن

قال لي

اهلا بك في قصرك هذا

من انت

انا الساحر

ماذا تفعل هنا .. وما هذا المكان الغريب ؟

انا من بني لك هذا الواي الفسيح .. استعدادا لمن ستأتي وتسكنه

وما هذا المكان الغريب

هذا القصر مسكني .. ومعملي انسيت ؟

نسيت ماذا ؟

انت من بنيت لي هنا قصرا

اعمل فيه.. علي تمهيد قلبك للجديد

احرق فيه احزانك

احفظ منه قربانك

ازرع فيه بستانك

انبت ودا

انبت حبا

لكل الناس الوانا

اتقول شعرا ؟

انت من علمتني

انت من رودتني

كنت حبيسا للفراش

انت من ايقظتني

شكرا لك

بل كله لك

اريدك الان ان تذهب

تقابل كل من تلقي

بقلب فرح

ستجني من صنيعك الشوقا

وتلقي الحب في البستان قد طرح

.

.

تركته وانصرفت وقد تبدل حالي بالف حال .. وزالت كل البغاضات من قلبي ولم اتذكر سوي اني رايت ملاك يقبع هناك .. يا الله .. تري من ستسكن معي في مثل هذا القصر الفسيح

خرجت من القصر وانا انظر اليه في اندهاش .. فقد تحول كوخا مرة اخري